فصل: مسير خمارويه إلى الشام وواقعته مع ابن الموفق.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.ولاية خمارويه بن أحمد بن طولون.

ولما توفي أحمد بن طولون اجتمع أهل الدولة وخواص الأولياء وكبيرهم أحمد بن محمد الواسطي والغالب على الدولة الحسن بن مهاجر فاتفقوا على بيعة ابنه أبي الجيش خمارويه وأحضروا ابنه العباس من محبسه وعزاه الواسطي وهم يبكون ثم قال بايع لأخيك فأبى فقام طبارجي وسعد الآيس من الموالي وسحبوه إلى حجرة في القصر فاعتقلوه بها وأخرج من الغد ميتا وأخرجوا أحمد إلى مدفنه وصلى عليه ابنه أبو الجيش وواراه ورجع إلى القصر مقيما لأمر سلطانه.

.مسير خمارويه إلى الشام وواقعته مع ابن الموفق.

ولما توفي أحمد بن طولون كان إسحاق بن كنداج عاملا على الجزيرة والموصل وابن أبي الساج على الكوفة وقد ملك الرحبة من يد أحمد بن مالك فطمعا في ملك الشام واستأذنا الموفق فأذن لهما ووعدهما بالمدد وسار إسحاق إلى الرقة والثغور والعواصم فملكها من يد ابن دعاس عامل ابن طولون واستولى إسحاق على حمص وحلب وأنطاكية ثم على دمشق وبعث خمارويه العساكر إلى الشام فملكوا دمشق وهرب العامل الذي انتقض بها ثم سار العسكر إلى شيزر فأقام عليها قبالة إسحاق وابن أبي الساج وهما ينتظران المدد من العراق ثم هجم الشتاء فتفرق عسكر خمارويه في دور شيزر ووصل العسكر من العراق مع أبي العباس أحمد بن الموفق الذي صارت إليه الخلافة ولقب المعتضد فكبسوا عسكر خمارويه في دور شيزر وفتكوا فيهم ونجا الفل إلى دمشق والمعتضد في اتباعهم فارتحلوا عنها وملكها المعتضد في شعبان سنة إحدى وسبعين ومائتين ولحق عسكر خمارويه بالرملة فأقاموا بها وكتبوا إلى خمارويه بالخبر وسار المعتضد نحوهم من دمشق وبلغه وصول خمارويه وكثرة عساكره فهم بالعود ومعه أصحاب خمارويه الذين خالفوا عليه ولحقوا به وكان ابن كنداج وابن أبي الساج متوحشين من المعتضد لسوء معاملته لهما والتقى العسكران على الماء الذي عليه الطواحين بالرملة فولى خمارويه منهزما مع عصابة معه ليس لهم دربة بالحرب ومضى إلى مصر بعد أن أكمن مولاه سعدا الآيس في عسكر وجاء المعتضد فملك خيام خمارويه وسواده وهو يظن الظفر فخرج سعد الآيس من كمينه وقصد الخيام وظن المعتضد أن خمارويه قد رجع فركب وانهزم لا يلوي على شيء وجاء إلى دمشق فمنعوه الدخول فمضى إلى طرسوس ولما افتقد سعد الآيس خمارويه نصب أخاه أبا العشائر لقيادة العساكر ووضع العطاء ووصلت البشائر إلى مصر فسر خمارويه بالظفر وخجل من الهزيمة وأكثر الصدقة وأكرم الأسرى وأطلقهم وسارت عساكره إلى الشام فارتجعوه كله من أصحابه فأخرجوهم ولحقوا بالعراق وغزا بالصائفة هذه السنة مازيار صاحب الثغر وغنم وعاد ثم غزا كذلك سنة ثلاث وسبعين ومائتين.

.فتنة ابن كنداج وابن أبي الساج والخطبة لابن طولون بالجزيرة.

كان ابن أبي الساج عاملا على قنسرين وإسحاق على الجزيرة والموصل فتنافسوا في الأعمال واستظهر ابن أبي الساج بخمارويه وخطب له بأعماله وبعث ابنه رهينة إليه فسار في عساكره بعد أن بعث إليه الأموال وانتهى إلى السن وعبر ابن أبي الساج الفرات ولقي إسحق بن كنداج على الرقة فهزمه وجاز خمارويه من بعده فعبر الفرات إلى الرافقية ونجا إسحاق إلى ماردين وحصره ابن أبي الساج ثم خرج وسار إلى الموصل فصده ابن أبي الساج عنها وهزمه فعاد إلى ماردين واستولى ابن أبي الساج على الجزيرة والموصل وخطب في أعمالها لخمارويه ثم لنفسه بعده وبعث العساكر مع غلامه فتح لجباية نواحي الموصل فأوقع بالشراة اليعقوبية ومكر بهم وعلى أصحابهم بما فعل معهم فجاؤا إليه وهزموه واستلحموا أصحابه ونجا ابن أبي الساج في فل قليل ثم انتقض ابن أبي الساج على خمارويه سنة خمس وسبعين ومائتين وذلك أن إسحاق بن كنداج سار إلى خمارويه بمصر وصار في جملته فانتقض ابن أبي الساج وسار خمارويه إليه فلقيه على دمشق في المحرم فانهزم ابن أبي الساج واستبيح معسكره وكان وضع بحمص خزائنه فبعث خمارويه عسكرا إلى حمص فمنعوه من دخولها واستولوا على خزائنه ومضى ابن أبي الساج إلى حلب ثم إلى الرقة وخمارويه في اتباعه ثم فارق الرقة إلى الموصل وعبر خمارويه الفرات واحتل مدينة بلد وأقام بها وسار ابن أبي الساج إلى الحديثة وبعث خمارويه عساكره وقواده مع إسحق بن كنداج في طلب ابن أبي الساج فعبر دجلة وأقام بتكريت وإسحق في عشرين ألفا وابن أبي الساج في ألفين وأقاموا يترامون في العدوتين ثم جمع ابن كنداج السفن ليمد الجسر للعبور فخالفهم ابن أبي الساج إلى الموصل ونزل بظاهرها فرحلوا في اتباعه فسار لقتالهم فانهزم إسحق إلى الرقة وتبعه ابن أبي الساج وكتب إلى الموفق يستأذنه في عبور الفرات إلى الشام وأعمال خماوريه فأجابه بالتربص وانتظار المدد ولما انهزم إسحق سار إلى خمارويه وبعث معه العسكر ورجع فنزل على حد الفرات من أرض الشام وابن أبي الساج قبالته على حدود الرقة فعبرت طائفة من عسكر ابن كنداج لم يشعروا بهم وأوقعوا بجمع من عسكر ابن أبي الساج فلما رأى أن لا مانع لهم من العبور سار إلى الرقة إلى بغداد وقدم على الموفق سنة ست وسبعين وثمانين فأقام عنده إلى أن ولاه أذربيجان في سنته واستولى ابن كنداج على ديار ربيعة وديار مضر وأقام الخطبة فيها لخمارويه.